Pergerakan Islam di Indonesia Karya DR. Karam Farahat - Lahirnya Ormas Pergerakan Islam dan Keragamannya
الفصل الثالث
نشأة
الحركة الإسلامية
وتكوينها
- توطئة.
- الأهداف العامة للجمعيات الإندونيسية.
- جمعية خير.
- جمعية مكارم الأخلاق الفاضلة.
- الجمعية المحمدية.
- جمعية الإرشاد والإصلاح.
- الجمعية العائشية.
- جمعية نهضة العلماء.
- جمعية الرابطة العلوية.
- الجمعية الوصلية.
- جمعية دار الدعوة والإرشاد.
- جمعيات ومؤسسات أخرى.
توطئة: منذ أوائل القرن العشرين تأسست في
إندونيسيا عدة جمعيات كان هدفها الأول القضاء على الأمية ونشر التعليم وبث الوعي
القومي في البلاد، وما لبثت عيون الشعب أن تفتحت وتمخضت تلك الجهود الصادقة في
ميدان الإصلاح الاجتماعي من ذلك البعث القومي الرائع الذي أسفر عن قيام عشرات من
الجمعيات الخيرية الإسلامية والجماعات التعاونية، ولقد كان لنشاطها الدائب آثار
طيبة في تخفيف آلام الفقراء والمساكين والعجزة ورفع مستوى الصحة العامة بإنشاء
المستشفيات والملاجئ الأهلية والقضاء على الكثير من البدع والخرافات ومحاربة
الجمعيات التبشيرية التي جعلت من مؤسساتها بؤرًا لبث سمومها الفتاكة بغية القضاء
على الروح الدينية الإسلامية والتقاليد الشرقية الصالحة([1]).
كما تهدف إلى
المطالبة بالاستقلال، وحرية الجزر الإندونيسية، وبث الروح الوطنية، وإذكاء الروح
الاجتماعية تحت لواء الإسلام، لدرء خطر الانقسامات وتعزيز الوحدة بين الأمة
الإندونيسية([2])،
وإظهار فضائل الإسلام، والحث على التمسك بتعاليمه، وكذلك ترجمة معاني القرآن
الكريم إلى اللغة الإندونيسية، وغير ذلك من الكتب الإسلامية المفيدة بهدف بث ونشر
العلوم الإسلامية، والنهضة القومية عن طريق تعاليم الدين الإسلامي، وتشجيع المزيد
من بناء المدارس التي تدرس باللغة العربية، وإنشاء المكتبات، بل إنها مراكز علم
وتعارف حيث كانت تقام فيها احتفالات المناسبات الدينية والأعياد الوطنية، وإلقاء
المحاضرات والندوات الفكرية حول العديد من الموضوعات أو قضايا الساعة([3]).
ولا يغيب عنا أن
هذه الجمعيات بعد تكوينها وممارسة أنشطتها انخرطت في الأحزاب السياسية الوطنية،
وكل الحركات والتجمعات التي تهدف إلى النضال والمطالبة بالاستقلال، وحرية الجزر
الإندونيسية وبث الروح الوطنية تحت لواء الإسلام، لدرء خطر الانقسامات، وتعزيز
الوحدة بين الأمة التي هي رأس كل نجاح وتقدم([4]).
ومن ثم نستطيع
القول أنه يرجع فضل النهضة الوطنية في إندونيسيا إلى يقظة المسلمين، وتأسيس أول
جماعة من جماعات الإصلاح باسم «شركة إسلام» وهي الجماعة التي انضوت إليها جماعات
متعددة بعد ذلك باسم «مشومي» وهي نطق الكلمة «شركة إسلام»([5])،
وبالتالي نتناول أهم تلك الجمعيات التي نشأت وتكونت في إندونيسيا وهي([6]):
1- جمعية خير 1901م 2- جمعية مكارم
الأخلاق 1908م.
3- جمعية الطلبة الإندونيسية 1908م 4- الجمعية المحمدية 1912م.
5- جمعية الاتحاد الإسلامي 1912م 6- جمعية أتباع محمد 1912م.
7- جمعية الإرشاد 1913م 8- الجمعية العائشية 1917م.
9- جمعية المواليد العرب 1924م 10- جمعية نهضة العلماء 1926م.
11- جمعية الرابطة العلوية 1928م 12- جمعية وحدة العلماء 1930م.
13- جمعية الشبان المسلمين 1936م.
وبجوار تلك
الجمعيات نشأ عدد من الأحزاب الإندونيسية التي خدمت الدعوة والإسلام والمسلمين به.
إنه لا يغيب عن
أي مثقف أن الجمعيات الإسلامية الإندونيسية هي صاحبة الدور الأساسي والهام في
مقاومة الاستعمار في إندونيسيا؛ لأن الشعب آمن بها وأدرك منذ البداية ألاّ سبيل
للخلاص والإصلاح إلا بتنظيم الجمعيات والشركات الوطنية، وفطنوا أنه من العبث
انتظار الإصلاح من السلطة الأجنبية، فشرعوا في تأسيس الجمعيات الإسلامية
الإندونيسية([7]).
الأهداف العامة للحركة الإسلامية:
تلك الجمعيات
الإندونيسية تتضامن معًا في تحقيق أهداف مشتركة بينها، تتمثل هذه الأهداف في
العديد من الجوانب الحياتية سواء الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وذلك على النحو
التالي([8]):
1-
توسيع نطاق التعليم بين طبقات المجتمع الإندونيسي، وبث الثقافة العربية
والإسلامية.
2-
العمل على وحدة التعاليم السماوية، والعمل بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله r، فتعاليمها صالحة لكل زمان
ومكان.
3-
العمل على نشر اللغة العربية والحضارة الإسلامية في جميع المدارس المحمدية، بصفتها
لغة القرآن الكريم، وبصفتها أداة الوصل والاتصال بين المسلمين وغيرهم.
4-
إلقاء المحاضرات الدينية والأدبية والتاريخية والعلمية.
5-
نشر اللغة العربية وجعلها لغة التخاطب بين الناطقين بها وغير الناطقين.
6-
العمل على نشر الأخلاقيات السمحة، وتعاليم الدين الإسلامي الصحيحة.
7-
السعي على أن يكون التعليم حق لكل مواطن حتى المساجين فلهم حق التعليم داخل
السجون.
8-
تحسين حال الشبيبة العربية الاجتماعية، وتدريبها على النظام الحديث وتنوير أذهانها
بالعلوم العصرية.
9-
العمل الحثيث على تعليم حرف الصناعة والزراعة والتجارة بين الطبقات التي لا تحظى
بالتعليم.
لقد لاحظنا
العديد من أهداف تلك الجمعيات في حين أن الهدف الأول هو القضاء على الأمية ونشر
التعليم وبث الوعي القومي في البلاد، وما لبث عيون الشعب الإندونيسي أن تفتحت
وتمخضت تلك الجهود الصادقة في ميدان الإصلاح الاجتماعي من ذلك البعث القومي الرائع
الذي أسفر عن قيام عشرات من الجمعيات الخيرية الإسلامية والجماعات التعاونية، بما
لها من آثار طيبة في تخفيف آلام الفقراء والمساكين والعجزة ورفع مستوى الصحة العامة،
والقضاء على الكثير من البدع والخرافات ومحاربة الجمعيات التبشيرية([9]).
ولم ينته الأمر
عند هذه الجمعيات بل تشكلت عدة منظمات إسلامية في إندونيسيا في أوائل القرن
العشرين كالاتحاد الإسلامي ونهضة العلماء، فاكتسبا كثيرًا من الأتباع([10]).
³ جمعية خير:
ولدت الجمعيات
الإسلامية العاملة في حقل الدولة الإسلامية في ظل موجة عارمة من الثورة ضد
الاحتلال الهولندي، والأمة الإسلامية تناهض بكل قواها، وأول جمعية تأسست لذلك هي
جمعية خير، وقد تكونت هذه الجمعية وتشكلت في ظلال الصمت، والسرية التامة، بعيدًا
عن عيون الاستعمار عام 1901م، بهدف إحداث التغيير في حياة المجتمع الإسلامي في
إندونيسيا وحث المجتمع على مقاومة الاستعمار الهولندي، ورفع مستوى الوعي الديني
والقومي، واستمرت الجمعية تباشر نشاطها دون إذن من سلطات الاحتلال، وكان زعماء هذه
الجمعية من العرب، ومن السلالة العربية المولدة المختلطة بالدم الإندونيسي
بالاشتراك مع الإندونيسيين الأصليين([11])،
وقد انضم إلى هذه الجمعية الكثير من المسلمين دون اعتبارات للجنس([12]).
ومن الواضح أن
روادها الأوائل كانوا متصلين في الخارج بدول إسلامية أخرى، وبخاصة مصر، تلك التي
تأثروا بما تصدره من صحف اتبعت روح الحماسة والمقاومة، مثل المؤيد والسياسة
والمنار وغيرها، فكانوا يعملون على إدخالها البلاد، وتداولها بين قراء العربية،
ويستعينون منها في محاضراتهم وندواتهم 1903م، إلا أن الجمعية واستمرارها منذ
ظهورها اتخذت روح التحدي ضد الاستعمار الهولندي حتى أجبرت على التسجيل([13]).
كما انضم إلى
هذه الجمعية الكثير من الفئات على اختلاف طبقاتهم من إمام مسجد ومدرس وموظف حكومي
أو موظف في شركة أو عامل أو قاضي وغيرهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ بل اتصلت
هذه الجمعية برجال الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط، كالسيد علي يوسف صاحب جريدة
المؤيد، وعلى كامل مدير جريدة اللواء، وعبد الحميد ذكي صاحب جريدة السياسة
المصورة، وأحمد حسن طبارة صاحب ثمرات الفنون ببيروت، ومحمد سعيد المجذوب صاحب
جريدة القسطاس المستقيم، وغيرهم، بهدف التعريف الإعلامي والتغطية الصحفية
لأنشطتها، وبما أنه كان محظورًا على الجمعية أن يكون لها فروع خارج منطقة جاكرتا،
فقد جعلت لها وكلاء لتسجيل أسماء أعضاء في المناطق الأخرى، وكان بين الوكلاء، وبين
الجمعية اتفاق على أساليب العمل، فانتشر صيتها حتى تواردت الطلبات من معظم أنحاء
إندونيسيا لإقامة فروع، فأشارت على الراغبين أن يقيموا جمعيات مستقلة([14]).
من الواضح أن
«جمعية خير» كانت بوتقة أُعِدَّ فيها الكثير من الزعماء، الذين تولوا في المستقبل
قيادة الحركات الدينية، ونظموا التشكيلات العسكرية الوطنية في إندونيسيا([15]).
³ الوضع القانوني لإنشاء الجمعية:
تصدى الاستعمار
الهولندي لهذه الجمعية من بدايتها ورفض طلب تسجيلها سنة 1903م، إلا أن الجمعية
واستمرارها وامتلاكها روح التحدي أجبرت على تسجيلها بعد عامين أي في سنة 1905م،
ولكنها قيدت إذنها بشروط كان أهمها ألا تفتح الجمعية فروعًا أخرى لها خارج
«جاكرتا»([16]).
إلا
أن الجمعية لم تلتزم بهذا الشرط، وبدأت في إنشاء وافتتاح المدارس وتوسعت في مجالات
الدعوة الإسلامية، وأصدرت صحيفة يومية تسمى «اتوسان إنديا» وهي تعني رسول الهند،
أشرف على تحريرها «عمر سعيد شكرو» الذي صار فيما بعد من زعماء حزب «شركة إسلام»
والحقيقة أن جمعية خير أفرزت العديد من الزعماء والقادة الدينيين الذي نظموا
التشكيلات العسكرية الوطنية في إندونيسيا كالحاج «أحمد دحلان»([17])
الذي شكل فيما بعد الجمعية المحمدية وصار علمًا على نهضة الحركة السلفية التجديدية([18]).
وقد
اختير كل من «سعيد باصنديد» رئيسًا، و«محمد بن عبد الله بن شهاب» رئيسًا ثانيًا،
والسيد «محمد القاضي المشهور» كاتبًا، والسيد «عيد روس بن أحمد بن محمد بن شهاب»
أمينًا للمال([19]).
³ أهداف «جمعية خير»:
هدفت الجمعية إلى حمل
رسالة الإسلام على عاتقها ونشرها، وبما أن الداعين إلى إنشاء جمعية خير ومن انضم
إليهم أيضًا من ذوي المكانة الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والتجارية الكبيرة
والممتلكات الواسعة فقد حددوا من أهم أهداف تلك الجمعية تبليغ رسالة الإسلام، ونشر
الثقافة الإسلامية والحضارة الإسلامية([20]).
وكان هدفها الأسمى هو إحداث التغيير في
حياة المجتمع الإسلامي في إندونيسيا وبث الدعوة لإيقاظه ورفع مستوى الوعي الديني
والقومي بين طوائف الشعب، وحثهم على مقاومة الاستعمار الهولندي، وتطهير أرض
الإسلام من رجعيته وظلمه([21]).
كما كانت تقييم
الندوات العلمية، والاحتفالات في المناسبات الدينية والوطنية وتعمل على تكوين رأي
عام يقف ضد التوسع الإيطالي في الدول الإسلامية مثل ليبيا([22]).
وتهدف تلك الجمعية تبعًا للائحتها
التأسيسية إلى خدمة شعب «جاوا» و«مادورا» -باعتبارهما من المدن الإندونيسية-
وتطوير التعليم كعامل أساسي لتقدم الشعب، وتطوير أساليب الزراعة والثروة
الحيوانية، والتجارة والاقتصاد، والصناعة وإحياء النشاط الثقافي والفني، والعمل
على أن يأخذ الشعب الإندونيسي مكانته من احترام الشعوب الأخرى([23]).
ومن أهداف الجمعية أيضًا إنقاذ المستضعفين من المسلمين، وإنشاء
المدارس ليتعلم فيها الناس من كل موطن، أولئك الذين تؤلف ما بينهم البلاد التي
يعيشون فيها، وكانت العاصمة «باتافيا» مهبط رسالته الأولى، تلك الرسالة التي أتم
الله عليها نعمة التوفيق في تهيئة الجو الصالح لابتكار جيل جديد مفكر مثقف من
العرب والوطنيين جميعًا([24]).
ومن مساعيها أيضًا إزالة الخلافات بين
الأفراد وإزالة الخصام الدموي بين العرب والصينيين في جاوا الشرقية، وجمع التبرعات
لأيتام المجاهدين في طرابلس الغرب، ومنكوبي البراكين والحرائق والفياضانات، وجمع
التبرعات لإنشاء سكة الحديد المعروفة بسكة الحديد الحجازية إلى غير ذلك من الأعمال
الخيرية([25]).
وقد اهتمت الجمعية
بالعديد من القضايا العامة، ومنها استخدام المساجد للتدريس، وإقامة فروع للجمعية
في مختلف أنحاء إندونيسيا، التي بدورها سارعت إلى بناء النوادي الأدبية، وبناء
المساجد معتمدة على وقفيات الرابطة العلوية والمساهمات الخيرية، وقد تأسست أول
مدرسة لجمعية خير بمنطقة بتاوي، إندونيسيا سنة 1902م([26]).
كما تداخلت أعمال تلك
الجمعية وتوسعت في الشئون الاجتماعية عن طريق الزكوات وتوزيعها على المستحقين،
وإعانة المحتاجين، ونتيجة لذلك النشاط الذي أصبح يقلق السلطات السياسية والأمنية
خاصة لانخراط الكثيرين من المسلمين في عضويتها فاتهمت الحكومة بعض رجال الجمعية
البارزين، وزجت بأفراد منهم في السجن، ثم اشترطت على الجمعية أن تبقى محصورة في
جاكرتا فقط([27]).
³ جمعية «مكارم الأخلاق
الفاضلة»:
تم تأسيس هذه الجمعية
في 20 من مايو 1908م، وقد تألفت الجمعية في «جاكرتا» برئاسة الدكتور وحيد الدين([28])، وقد أدرك الإندونيسيون أنه لولا إنشاء جمعية الأخلاق الفاضلة،
لما نجحت الحركة القومية ولما ربح الشعب معركة الاستقلال في 30 مايو من نفس العام،
وكانت هذه الجمعية في بادئ الأمر اجتماعية ثقافية، كما يدل على ذلك اسمها، ولكنها
تحولت مع الوقت إلى جمعية سياسية وطنية كان لها ذلك الأثر الفعال في تحرير
إندونيسيا وكانت الجمعية من أول من نادى بتأسيس مجلس نيابي مؤقت لوضع دستور للبلاد([29]).
لقد تألفت هذه الجمعية من الطبقة المثقفة
في إندونيسيا، ومن أهم أهدافها: جعل الشعب الإندونيسي أعمق إدراكًا وأدق شعورًا،
بمعنى الوطنية، وذلك عن طريق نشر الثقافة والتعليم بين أفراده، وعندما حزرت حكومة
جزر الهند الهولندية من أي نشاط سياسي اتخذت جمعية الأخلاق الفاضلة طابع الثقافة
والتعليم([30]).
³ الجمعية المحمدية:
تعتبر
الجمعية المحمدية هي أكبر جمعية تعليمية في الشرق، وربما كانت أكبر جمعية في
العالم للتعليم، وقد بلغ أعضاؤها نحو مائتي ألف([31])، قام بتأسيس تلك الجمعية الشيخ أحمد
دخلان([32])، وقد تأثرت هذه الجمعية وهذا التأسيس
بحركة الشيخ الإمام محمد عبده في مصر، حيث كان لها شأن كبير في تاريخ الوطنية
الإندونيسية أسفر عن تأسيس هذه الجمعية في مدينة «جوكجاكرتا» في 18 نوفمبر 1912م،
الموافق 8 ذي الحجة 1330هـ([33])؛ ولأنها حريصة
على العودة بالمسلمين إلى الإسلام المصفى واتباع التعاليم التي جاء بها سيدنا محمد
r فلذلك
سميت نسبة إليه فسميت «المحمدية»([34])،
حتى يقف المبشرون والمقاومون للنهضة القومية عند حدهم، ولما رأى السادة العلماء
وعلى رأسهم الشيخ أحمد دحلان انتشار التبشير في كل مكان كونوا هذه الجمعية المنظمة
لمقاومة التبشير([35]).
³ الوضع القانوني للجمعية المحمدية:
قام
الاستعمار بتحديد نشاطها في «جوكجاكرتا» فقط دون العمل في أي منطقة أخرى في محاولة
لتحديد أثرها، وتقويض دورها مثلما فعل مع جمعية خير من قبل إلا أن الجمعية
المحمدية استطاعت أن تتحايل على هذه القرارات بأن تقيم الفروع في ا لمناطق الأخرى
من إندونيسيا بأسماء أخرى، وبعد أن تتكون الفروع وتقوى ويشتد عودها تطلب انضمامها
إلى الجمعية الأم، فأقامت «جمعية نور الإسلام» في مدينة «بكالونج» وجمعية المنبر،
والصراط المستقيم، في مدينة «ماكاسر»، وجمعية الهداية في مدينة «جاروت» وجمعية
الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة في مدينة «صولو» وجمعية الرحمة في «كيساران»
وجمعية محبي الإنسان في «بنكولن» وجمعية نور الحق في «كوالدكوبراس»، ثم طلبت هذه
الجمعيات كلها بعد ذلك الانضمام إلى الجمعية المحمدية، وفي دائرة «جوكجاكرتا»
نفسها تكونت عدة جمعيات مثل جمعية الإخوان المسلمين وجمعية النور الجديد وجمعية
تقويم الدين، وجمعية حياة القلوب، وجمعية طهارة الآباء، وجمعية وتعاونوا على البر،
وجمعية الفَجْر وجمعية العصر وجمعية الأمهات وجمعية المسلمين وكلها أعلنت انضمامها
إلى الجمعية المحمدية([36]).
إن من أهم ما
جعل السادة العلماء في إندونيسيا يسعون ويجدون في السعي من أجل إنشاء هذه الجمعية
والجمعيات التي التحقت وانضمت إليها ما وجدوه من انتشار للتبشير في كل مكان في
إندونيسيا، فكان لا بد من مقاومة هذا التبشير المسيحي من خلال الجمعيات([37]).
³ أسباب قيام الجمعية المحمدية:
من الشيء الواضح أن هناك أسبابًا عجلت
بقيام هذه الجمعية، وأن قادتها قد حددوا أهدافها، ووضعوا الوسائل لتحقيقها وذلك
على النحو التالي:
1- إن حالة العالم
الإسلامي بوجه عام، وإندونيسيا بوجه خاص، تبعث على الأسى والألم لأنهم يعيشون في
حالة من الجهل والفقر والتخلف.
2- عدم وحدة الموقف بين
قادة العالم الإسلامي بسبب عدم وجود روح الأخوة الإسلامية بينهم، وعدم وجود منظمة
قوية تجمعهم.
3- فشل الهيئات
التربوية والتعليمية في تحقيق رسالتها، بسبب تأثرها بالنفوذ الأجنبي ولاستخدامها
طرقًا تربوية بالية، لا تتفق مع روح العصر.
4- تطهير حياة المسلمين
من البدع والخرافات وعادات الشرك، والاتصال المباشر بالقرآن والسنة.
5- مواجهة الاستعمار
الهولندي، وتحدي حركة التبشير المخططة في إندونيسيا.
6- تنوير المثقفين
ثقافة غربية في إندونيسيا، الذين يرون أن الإسلام لا يساير تطور الزمن في العصر
الحديث([38]).
³ أهداف الجمعية المحمدية:
إن المبدأ الرئيسي لهذه الجمعية المحمدية هو الأمر القرآني بالأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وهو دعوة لنيل الطيبات وتجنب الخبائث، وقد كان هدفها الرئيسي هو
تحدي اتجاهين متناقضين في المجتمع، فقد اعتبرت الجمعية أن التعليم الإسلامي
التقليدي قد أصبح تقليديًا أكثر من اللازم فكان لزامًا أن تقوم الجمعية بوضع أهداف
واضحة لها([39]):
1-
اعتبار القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المصدر الأساسي في الاعتقادات
وتطهيرها مما علق بها من الخرافات والأساطير.
2-
تفسير التعاليم الإسلامية، وبيانها للناس بأسلوب يتناسب مع العصر.
3-
أن تتجسم التعاليم الإسلامية في حياة المسلم اليومية ومعاملاته الاجتماعية مع
الآخرين.
4-
تجديد طرق التربية والتعليم وضرورة مسايرتها لما يتطلب العصر.
5-
تنشيط حركة الدعوة الإسلامية وتعميق المفاهيم الإسلامية لدى المسلمين.
6-
تحرير حياة المسلم من روابط العادات والتقاليد المختلفة التي تربطه بالمعتقدات
السابقة.
7-
العمل على تحقيق وجود المجتمع الإسلامي الصحيح بإقامة التعاليم الإسلامية في حياة
المسلمين.
إن كل عمل يحتاج
إلى وسائل عدة حتى يتم هذا العمل على خير وجه، والجمعية المحمدية لم تتوانى في
إعداد هذه الوسائل التي تحقق أهدافها بكفاءة عالية وقدرة فائقة في مجالات متعددة
سواء في التربية أو التعليم أو الدعوة، وقد ركزت على التعليم ونشر مبادئ الإسلام
بفتح المدارس وإقامة الجامعة وتأسيس المساجد والمستشفيات بم يخدم هدفها([40]).
³ وسائل الجمعية المحمدية لتحقيق أهدافها:
1- تدعيم الإيمان
وتنشيط أداء العبادات وإعلاء كلمة الأخلاق.
2- تنشيط وتدعيم البحث
العلمي الإسلامي، بهدف تطهيره وتنقيته من البدع.
3- تطوير أساليب
التربية وتجديدها ورفع مستوى موضوعات التعليم والثقافة وتوسيع دائرة العلوم
والمعارف.
4- تنشيط حركة الدعوة،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5- إقامة بيوت العبادة،
وتشجيع الأوقاف.
6- توجيه النشاط
النسائي، وتوعيتهن إلى تحقيق الأسلوب الإسلامي في حياتهن والعمل على تنظيمهن.
7- توجيه الشباب
ليكونوا رجال الإسلام في المستقبل.
8- بيان فضل التعاون
بين المسلمين، والمساندة بينهم وتكافلهم.
9- إيقاظ الوعي الديني
ليكون السلوك الإسلامي هو السائد في المجتمع.
10- بحث الوسائل الأخرى
التي تتفق مع أهداف المنظمة([41]).
وقد قامت الجمعية المحمدية منذ نشأتها بنشاطات
دعوية واجتماعية وثقافية، عبر الأقسام التي انبثقت عنها، مثل قسم الدعوة والإرشاد،
وقسم الشئون الاجتماعية، وقسم شئون الإدارة والموظفين، وقسم الحقوق والقوانين،
وقسم الشئون الدينية، وقسم الإعلام، وقسم البحوث والدراسات، وقسم العلاقات
الخارجية.
قامت هذه الأقسام بجهد ونشاط واضح يخدم
الدعوة الإسلامية بالدرجة الأولى، ويخدم المسلمين الإندونيسيين في شتى مناحي
الحياة، وهذه إشارة إلى أهم نشاطات بعض هذه الأقسام وذلك على النحو التالي:
³ قسم الدعوة والإرشاد:
يقوم هذا القسم بتدريب الدعاة وتزويدهم
بالعلوم الشرعية والحرفية، وإرسالهم إلى معظم المناطق الإندونيسية، وبخاصة المناطق
النائية ومناطق التهجير الداخلي، وقد تم إرسال مائة وخمسين داعية إلى المناطق
النائية ومناطق التهجير الداخلي، مما جعل هذا التقسيم يهتم بتنظيم الحلقات الدينية
في المناطق الإسلامية، علمًا بأن هذا القسم يشرف في الوقت الحاضر على ما يقرب من
عشرة آلاف حلقة دينية([42]).
³ قسم التربية والثقافة:
يقوم هذا القسم
بإدارة المؤسسات التعليمية التابعة للجمعية، وذلك بتقديم الدعم المالي لها، وتوفير
المعلمين والمدرسين، ودراسة المناطق وحاجتها إلى المدارس والجامعات، وتنظيم مناهج
الدراسة في تلك المدارس والجامعات لكي ترد على الحركات التنصيرية التي تبشر ضد
الإسلام([43]).
ومن أشهر هذه
المؤسسات التعليمية التابعة للجمعية المحمدية، روضة الأطفال وعددها 2932، والمدارس
الدينية والعامة وعددها 6419، والمدارس الإعدادية الدينية والعامة وعددها 1221،
والثانوية العامة وعددها 251، والثانوية الدينية وعددها 53، ومعاهد المعلمين
والمعلمات وعددها 289، والمدارس الثانوية الاقتصادية وعددها 43، والثانوية
الهندسية وعددها 49، والمدارس الثانوية للتمريض وعددها 13، والجامعات والكليات
والمعاهد العليا وعددها 55، وذلك بالإضافة إلى عدد من المدارس الثانوية المهنية
الأخرى([44]).
³ قسم الشئون الاجتماعية:
ومهام هذا القسم
القيام بإنشاء المرافق الصحية والمؤسسات الاجتماعية، والإشراف عليها ومتابعة تأمين
حاجاتها وتسيير شئونها، من بين هذه المؤسسات الاجتماعية والمرافق الطبية التابعة
للجمعية المحمدية، المستشفيات وعددها 9، والمستوصفات وعددها 88، ومستشفيات الولادة
وعددها 115، والمراكز الصحية وعددها 665، والصيدليات وعددها 6، ودور الأيتام
وعددها 125، ومراكز الإغاثة وعددها 66، ومراكز الضمان الاجتماعي وعددها 59، كما
أنشأت الجمعية المحمدية حوالي 3000 مسجد ومصلى ضمن اهتمامات قسم الشئون الاجتماعية([45]).
³ قسم الإعلام:
يقوم هذا القسم
بنشر الثقافة الدينية والإسلامية عن طريق نشر الكتب الدينية والمنشورات والمجلات
والصحف الإسلامية، من بين هذه الكتب كتاب الحركة التنصيرية المدنية في العالم، وكتاب
مرشد العبادات، وكتاب مرشد العقيدة، وكتاب مرشد الصلاة، كما أصدر الكثير من
المجلات والصحف وبلغ عددها 28 مجلة وصحيفة منها ما توقف عن الصدور، ومنها مازال
يصدر بانتظام في الوقت الحاضر([46]).
³ مجالس الجمعية المحمدية:
ونظرًا لتعدد
نشاط الجمعية المحمدية واحتوائها على طوائف متعددة من الشعب المسلم وشمول رسالتها
لجوانب كثيرة في حياة المسلمين، فقد قررت أن تشكل عدة مجالس، يختص كل منها بجانب
معين، يقوم عليه، ويدرس شئونه، ويرفع تقريراته بشأنه، وهذه المجالس قابلة للتعديل
والتغيير والإلغاء، ووضع ما هو جديد منها، تبعًا للظروف ومقتضيات الأحوال، وقد تم
إقرارها في سنة 1930م، خلال انعقاد مؤتمر «منانكباو» وجاء التشكيل الجديد للمجالس
على النحو التالي: مجلس الترجيح الفتوى، ومجلس الحكمة مسائل السياسة، ومجلس
العائشية شئون المرأة، ومجلس الشباب، ومجلس حزب الوطن والكشافة، ومجلس التربية
والتعليم، ومجلس المكتبات، ومجلس الدعوة، ومجلس الاقتصاد، ومجلس الأوقاف والموارد
المالية([47]).
فلا تخفى على
القارئ رسالة كل مجلس من المجالس، ورغم ذلك فإننا نوضح مهام عدد منها كما يلي:
³ مجلس الترجيح:
ومهمته تقترب من
مهمة «لجنة الفتوى» بالأزهر، بحث المسائل المتعلقة بالأحكام الشرعية، ودراسة ما
يحدث في المجتمع من قضايا، وإصدار الحكم بشأنها والرد على استفتاءات المسلمين فيما
يُعرض لهم من مشكلات.
³ مجلس الحكمة:
ومهمته بحث المسائل المتعلقة بسياسة الدولة، فعلى الرغم من أن المحمدية
جعلت من بين مبادئها عدم امتزاج نشاطها بالسياسة، إلا أنها تهتم بشئون المسلمين
العامة، وخصصت لها هذا المجلس لدراسة تطوراتها العامة، وسمحت لأعضائها بصفتهم
الشخصية أن يتدخلوا في السياسة وأن يسهموا في توجيه تياراتها، وأن يكونوا أعضاء في
البرلمان.
ومجلس الحكمة
جعل من بين اختصاصاته، توجيه الأعضاء وتحريك الطاقة لتحقيق النصر في الانتخابات
العامة، ومحاولة تربية أعضاء المحمدية ليكونوا على مستوى المسئولية والوعي بشئون
الدولة، وتربية اهتمامهم ووعيهم بمسائل السياسة العامة.
³ مجلس العائشية:
وهو مجلس يشرف
على توجيه شئون المرأة المسلمة ([48])،
وإرسال المبلغات إلى القرى، وإلقاء الخطب والمحاضرات النسائية في الأعياد
والمناسبات الأخرى، وعقد دراسات إسلامية للعاملات والموظفات.
وظهر نشاط
«العائشية» في الأمور التالية:
1-
الدعوة إلى الزي الإسلامي، وتغطية عورة المرأة، والابتعاد عن الاختلاط الحر غير
المهذب، واتباع الآداب الإسلامية.
2-
تشجيع الفتيات على دخول المدارس، وعلى التعليم بأعلى مستوياته، وعقد محاضرات
للأمهات والفتيات.
3- إقامة المصليات والمساجد الخاصة
بالسيدات، وعلى أن يصلين في جوانب المساجد قبل إنشاء مصليات خاصة بهن.
وقد سبقت مدينة
«جوكجارتا» بإنشاء أول مسجد خاص للسيدات في إندونيسيا، كما أنشأن مصلى العائشية،
ومسجد زوجات العائشية، ومصلى ناشئة العائشية.
ويشرف نشاط «العائشية»
على توجيه شئون «ناشئة العائشية»، والتبليغ وإقامة المدارس النسوية، كما يشرف على
برنامج والعصر، وعلى برنامج والذاكرات، وعلى بستان الأطفال وبعض البرامج الأخرى([49]).
1- أما ناشئة العائشية:
فهو تنظيم خاص
بالتلميذات تكوَّن سنة 1919م.
2- وأما قسم والعصر:
فهو قسم ينظم العمل
النسوي، ويدرب الفتيات على أخلاق الإسلام الصحيحة، ويخلق فيهن روح المساعدة اللاتي
يواصلن دراستهن.
3- وأما قسم الذاكرات:
فهو برنامج ينظم
محاضرات خاصة للسيدات الكبيرات في السن.
4- وبستان الأطفال:
هي دار حضانة، تقبل
الطفل منذ مولده إلى سن سبع سنوات.
5- برنامج دراسة البنات:
يجتمع تلميذات المدارس
بعد صلاة المغرب في مصلى العائشية لتربيتهن وتعليمهن وتنوريهن بالإسلام.
6- تجميل الأخلاق:
هي جمعية تضم الفتيات
من عمر 10 سنوات إلى 15 سنة، لتعليمهن كيفية المعاملات الإسلامية، والمعاشرة
الطيبة، والخطابة، والطبخ، وغير ذلك من شئون الفتاة.
7- طلب السعادة:
جمعية للبنات من سن 15
إلى ما فوق ذلك، لتكميل دراستهن وتربيتهن وإعدادهن للانضمام إلى سلك «ناشئة
العائشية».
ونكتفي بهذا القدر في
بيان مهام المجالس، نظرًا لجدة هذه الأسماء التي تعرضت لشرح أهدافها، ورسالتها في
تنظيم المحمدية.
هذا وينبغي
أن ننوه بنشاط المحمدية في المجالات الصحفية، فقد تمكنت من إصدار 44 مجلة وصحيفة،
نذكر من أهمها: «سوارا محمدية» و«سوارا عائشية»([50]) و«حزب
الوطن» و«المدارس المحمدية» و«دنيا الأطفال» و«الإذاعة» و«الأخبار» و«الشعاع»
و«شعلة الشباب»([51]).
ويتبع الجمعية المحمدية عدد من الجمعيات والاتحادات تستقل بإدارتها
وماليتها غير إنهما لا تخرج عن العمل بلوائحها، ومن هذه الجمعيات: الجمعية
العائشية -وهي خاصة بالنساء- وجمعية شباب المحمدية، وجمعية الناشئة العائشية، وهي
خاصة بالبنات، واتحاد الطلبة الجامعيين المحمديين، واتحاد رجال الأعمال المحمديين،
واتحاد الزراعيين المسلمين الإندونيسيين([52]).
ويلاحظ
أن الجمعية المحمدية قد برزت في نشاطاتها الدينية والاجتماعية فيه، وبخاصة
نشاطاتها في مجال إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد العليا.
من
خلال ما سبق بيانه عن الجمعية المحمدية يلاحظ أنها حافظت على مبدأ الابتعاد وعدم
الاشتراك في المجال السياسي باستثناء فترة قصيرة من الخمسينيات، حيث وضعت هذه
الجمعية نصب عينيها الابتعاد بنظامها التعليمي والاجتماعي عن أي نشاط سياسي، وذلك
حيلة دفاعية في مواجهة قوة الدولة([53]).
³ جمعية الإرشاد والإصلاح:
³ نشأة الجمعية:
أسسها الشيخ أحمد
السوركتي([54]) السوداني الأصل، والذي يُعدّ من تلاميذ
الشيخ محمد عبده، وقد أفتى بفتوى أدت إلى انقسام جمعية الإرشاد عن جمعية الخير،
هذه الفتوى هي جواز زواج الشريفة بغير الأشراف، وفي 6 سبتمبر 1914م، افتتح مدرسة
«بجاتي» بإندونيسيا مطلقًا عليها «مدرسة الإرشاد الإسلامية»، ثم واصل بتعاون
الخيرين في افتتاح المدارس متخذًا التسمية نفسها «الإرشاد» وكانت كلمة إرشاد قد
استهوت بعض القيادات في جمعية «خير» الذين قرروا الانسحاب منها وإنشاء جمعية جديدة
هي «جمعية الإرشاد والإصلاح»، وتركز اهتمامها على التعليم، ولا تدرس إلا باللغة
العربية([55]).
³ مؤسسو الجمعية:
قام بإنشاء هذه الجمعية وتأسيسها عدد من
الميسورين وهم: الشيخ أحمد السكرتي، والشيخ عمر يوسف منقوش نقيب العرب في
«باتافيا» والشيخ «سعيد مشعبين» والشيخ «صالح عبيد بن عبدان» وهم الذين قدموا
مساهمة مالية كبيرة كما سعوا إلى دفعها ماليًا ومعنويًا([56]).
³ الوضع القانوني لجمعية الإصلاح:
أصبحت رسمية في 11 أغسطس من عام 1915م،
وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار السلطات الهولندية بالموافقة على إنشائها رسميًا
باعتبار نشاطها مساويًا للأنشطة المسموح بها في المستعمرة والمشابه للجمعيات
الأخرى في الجزر الهولندية([57]).
³ النظام التأسيسي لجمعية الإصلاح والإرشاد:
تمت الموافقة على قانون الجمعية الأساسي
والمتضمن إحدى عشر مادة تنظيمية، وذلك في 31 أغسطس عام 1915م، وذلك في أول مؤتمر
للجمعية في (بتافيا- جاكرتا)، وقد حددت المادة الخامسة من القانون أن قيادة
الجمعية بيد الإدارة المركزية: التي لا يقل أعضاؤها عن أحد عشر عضوًا، أي رئيسًا
ونائبه، وأمينًا للصندوق، ومفتشين ومستشارًا واحدًا، ولا يزيد عن سبعة عشر عضوًا
على أن يكون انتخابهم بواسطة الاجتماع العمومي لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرة
واحدة، في نفس الوقت يعتبر هؤلاء هم المسئولون عن إدارة الجمعية، كما سمح للجمعية
بإنشاء فروع لها خارج نطاق مدينة (بتافيا- جاكرتا)، كما حدد نظام الجمعية إدارة كل
فرع من الفروع بأربع أشخاص هم (الرئيس، والكتاب، وأمين الصندوق، وأخيرًا المفتش)([58]).
وقد حدد القانون
المصادر الأساسية لإيراد الجمعية، وجاءت هذه المصادر على النحو التالي: الإعلانات
والصدقات، والوصايا والوقفية، ويعتبر مصدر الوقفية هو المصدر الكبير، كما أن
العضوية في هذا التنظيم مشروطة بمساهمات مالية شهرية على كل عضو، وقد وصل مجمل
المساهمات في فبراير من عام 1916م، حوالي 410885 روبية وهو مبلغ كبير بتقديرات هذه
الفترة([59]).
³ أهداف جمعية الإصلاح
والإرشاد:
تهدف جمعية الإصلاح
والإرشاد إلى العديد من الأمور والأهداف التي تخدم الأمة الإسلامية كالسعي في
إصلاح وترقية الأمة الإسلامية عمومًا والعربية خصوصًا، أدبيًا واقتصاديًا وذلك عن
طريق بث الآداب والأخلاق الفاضلة، ونشر العلم ومختلف اللغات، والقيام بالمشاريع
الخيرية التي يعود نفعها على العموم كالمدارس والمستشفيات، وبيوت العجز، ودور
الأيتام والأرامل.
وتتوصل الجمعية إلى
تحقيق أغراضها بالتأليف والنشر، وعقد الاجتماعات، وإلقاء المحاضرات، وإرسال
البعثات، وإنشاء المدارس والنوادي، والمكاتب لتنوير الأفكار، ومساعدة الجمعيات
التي تتفق مع هذه الجمعية في المقصد والهدف([60]).
وقد وصل عدد مدارس
التدريس نحو خمسة آلاف مدرسة، والتدريس فيها باللغة العربية، وتدير أيضًا عددًا من
المدارس ومراكز رعاية الأمومة والطفولة إلى جانب بعض المستشفيات([61]).
³ الجمعية العائشية:
تأسست هذه الجمعية في
عام 1917م، وهي جمعية خاصة بالسيدات، ومركزها مدينة «ميدان» في سومطرة([62])، وتعدّ من أكبر الحركات النسائية وأكثرها انتشارًا في
إندونيسيا، وهي تسمى بناء على اسم أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، ولهذه الجمعية مدارس
كثيرة للبنات، ومكاتب ومجلات تديرها السيدات، كما لها معهد خاص لإخراج الواعظات،
وتسمى الواعظة في إندونيسيا بالمبلغة، إشارة إلى ما ورد من حديث رسول الله r: «بلغوا عني ولو آية»([63])،
وقد وصل عدد المبلغات 2114 مبلغة يقمن بالوعظ والإرشاد، وتربية الجنس اللطيف
وتهذيبه وتوصيل هداية الإسلام إليه، وهذه الجمعية العائشية تقوم بنشاط منتظم حيث
تُعقد المؤتمرات السنوية لها في مختلف مدن إندونيسيا، وذلك بالاشتراك مع الجمعية
المحمدية، وهذا التعاون بين النساء والرجال أنتج انسجامًا وائتلافًا بين الجنسين
في المجتمع الإندونيسي فلا تشعر المرأة بأنها مظلومة حتى تطالب بالمساواة، كما لا
يشعر الرجل أنه العضو الوحيد في المجتمع حتى يتجاهل المرأة([64]).
استطاعت
هذه الجمعية أن تنهض بالمستوى الاجتماعي للمرأة، والمستوى الثقافي والديني، حتى
يعلم الجميع إن الإسلام الحنيف يقف في صف وجانب المرأة، ولم يجعل للرجل عليها أي
فارق إلا في العمل الصالح، وكذلك في القوامة وتحمل المسئولية.
إن
هذه الجمعية لا تخرج عن الأطر العامة للأهداف المنشودة لباقي الجمعيات، وذلك على
المستوى الديني والثقافي والاجتماعي، والمحافظة على العادات والتقاليد الدينية
والعاطفة الدينية([65]).
³ جمعية نهضة العلماء:
تأسست هذه الجمعية في 31 يناير عام 1926م، بمدينة «سور
أبايا» في جاوا الشرقية على أيدي بعض العلماء المشهورين، وعلى رأسهم الشيخ محمد
هاشم أشعري، وغيره([66]).
وكانت
جمعية نهضة العلماء في بداية نشأتها مؤسسة دينية اجتماعية محضة، وبقيت كذلك إلى أن
دخلت معترك السياسة في سنة 1937م، فاشتركت سنة 1943م في تأسيس حزب «ماسيجومي»
الإسلامي، وهو يعني مجلس الشورى لمسلمي إندونيسيا، ثم في سنة 1950م أسست حزبًا
مستقلاً باسم حزب نهضة العلماء وقد أصبح هذا الحزب أحد الأحزاب الثلاثة الأولى
بإندونيسيا في الانتخابات الأولى نظرًا لكثرة مؤيديه، وثاني الأحزاب في الانتخابات
الثانية([67]).
صارت جمعية نهضة
العلماء من أكبر الأحزاب السياسية، وللحزب قسم نسوي يسمى «مسلمات النهضة» فهو حزب
سياسي تعليمي([68]).
قيل عنها أنها في بدء قيامها حركة
إسلامية تربوية محضة، ثم تطورت بمرور الزمن والظروف، وأصبحت حزبًا سياسيًا باسم
حزب نهضة العلماء وشاركت فعليًا في الميادين السياسية، وأصبح لهذه الجمعية مدارس
ومعاهد
وكتاتيب ورابطات
دينية في كثير من مدن جاوا([69]).
عملت هذه
الجمعية على تحقيق العديد من الأهداف التي تخدم المجتمع الإندونيسي كمعارضة
التحديث والتغريب في البلاد، والإسهام في إعداد القوانين، والعمل على رفع مستوى
المسلمين سياسيًا وثقافيًا، ورفع المستوى العلمي للشعب الإندونيسي، والوصل إلى
العديد من المناصب السياسية والاقتصادية، والوصول إلى أماكن قيادية على مستوى
المركز ومستوى المحافظة، ومستوى البلدية، ومستوى المديرية، ومستوى القرية، وذلك في
العديد من المجالات، مثل مجال التنمية الاقتصادية، ومجال التنمية الاجتماعية،
ومجال شئون الفتيات، ومجال التعليم والثقافة([70]).
هذا وقد استقطبت
جمعية نهضة العلماء من خلال برامجها عددًا كبيرًا من الأعضاء، حيث بلغ عدد
المنتسبين إليها ما يقرب من 33 مليون نسمة، أحد عشر مليونًا منهم يتواجدون في
محافظة جاوا الشرقية، وستة عشر مليونًا في جاوا الوسطى وجوكجاكرتا وجاوا الغربية
وجاكرتا، وستة ملايين في الجزر الإندونيسية الأخرى، لقد امتدت جذور هذه الجمعية في
الريف في شرق وفي وسط جاوا، وكان عمودها الفقري هو المدارس الإسلامية التي تتبعها([71]).
³ جمعية الرابطة العلوية:
أنشئت جمعية الرابطة
العلوية في 27 ديسمبر من عام 1928م، ومقرها بتاوى- جاكرتا، عندما شكلت هيئة
تحضيرية مؤقتة انتخب منها لجنة خاصة أسند إليها القيام بتحرير القانون الأساسي
للرابطة بهدف الاطلاع عليه من قِبل الأعضاء المنتسبين إلى هذا التنظيم قبل التقدم
بطلب الموافقة عليه من قبل الحكومة، وكان من مؤسسي الرابطة محمد بن الرحمن بن شهاب([72]).
³ أهداف الرابطة العلوية:
1- تعمل الرابطة
العلوية على التأليف بين القلوب وإصلاح ذات البين، والتعاون على ما يتم به إصلاح
شؤونهم الدينية والدنيوية.
2- العمل على إيواء
الفقراء وأبنائهم وكفالة الأيتام من خلال إقامة ملجأ عام وملاجئ خاصة، والقيام
بتعليمهم وتهذيبهم لبعض الحرف والصنائع التي تساعدهم على حفظ كرامتهم وشرفهم.
3- العمل على رفع
المستوى الأخلاقي عند الأفراد والمحافظة عليهم من الزلل والمفاسد.
4- إيجاد مكتب استعلام
يتولى البحث عن أفراد السادة العلويين المنبثين في مختلف البلدان بهذه الجهات،
وتقييد أسمائهم في دفاتر مخصوصة.
5- مساعدة الجمعيات
الخيرية القائمة بنشر التعليم الإسلامي واللغة العربية، وبذل كل ما تستطيعه في
ترقية التعليم ومعاضدة القائمين به وعرض الآراء والاقتراحات المفيدة عليهم، والسعي
في إيجاد مدارس عالية المستوى الثقافي.
6- السعي في كل ما من شأنه رقي الشعب الأندونيسى أدبيًا وماديًا
ممالا يخرج عن دائرة الشرع، ولا يعارض قانون الحكومة([73]).
بدأت الرابطة توضح أهدافها ومقاصدها الأولى
من خلال مطبوعاتها الصحفية ومنشوراتها موضحة أهمية إقامة رابطة علوية ينضم إليها
العلويون، فيحصل بها جمع الكلمة على الإصلاح العام في الوطن وإصلاح شئونهم الدينية
والدنيوية بمهاجرهم، وقد أخذت هذه الهيئة تسعى لحث العموم على تحقيق مقاصدها ضمن
دائرة الشرع والقانون، وابتدأت تسعى إلى أحكام أسباب الألفة والمودة والمساعدة
والمعاضدة بين أهل الوطن، وإزالة كل سوء تفاهم بينهم ببذل النصيحة والتنبيه إلى ما
فيه وإيصال صوتها إليهم بوساطة المكاتب والنشر وإيفاد الوفود وغير ذلك([74]).
يعتبر نشر العلوم المختلفة مقاصد هذه
الرابطة بكل وضوح ليطلع عليها الخاص والعام، والقريب والبعيد، وليعلم الكل أن ليس
لها غاية سوى الإصلاح والصلاح، وستدعو إلى هذه الغاية كل الإخوان، وتطلب منهم
الاهتمام بهذا المشروع، ومعاضدة القائمين به، وتحثهم على ذلك باللين واللطف،
والحكمة والموعظة الحسنة([75]).
وقد كان هذا التقديم بمثابة إعلان رسمي
لتأسيس جمعية الرابطة العلوية، وإن كانت ضمنيًا هي جمعية خير التي انسحب منها
الإرشاديون وأسسوا جمعية مستقلة بهم، فالرابطة قد حددت واجب العضو المنتسب، وما
يطلب منه باعتباره عضوًا فاعلاً في دعم توجيه الرابطة، والعمل على رفع شأنها
بصفتها مؤسسة اجتماعية ينضوي تحت لوائها كل فرد أيًا كان، وله حق المساهمة بآرائه
وأفكاره لما فيه أهدافها التي بحاجة إلى خمسة أمور حددتها في:
1- إحكام أساساتها
وروابطها؛ والتشدد في إجراء قوانينها وضوابطها بنشر دواعي الأخوة والولاء، وبواعث
المحبة والصفاء، بالمعاونة والمعاضدة، والمباذلة والمساعدة حتى تحكم قوى العلائق،
ويغتبط الصادق الموافق، ويكبت المماذق المنافق.
2- استثارة الآراء
والأفكار، واستشارة العقلاء والنظار، والمناظرة في طرق الإصلاح، والتنقيب عن وسائل
النجاح([76]).
3- الحث المتدارك والحض
المتواصل، بدعوة صادقة، وكلمة جامعة، إلى بذلك النفس والنفائس، لإحياء العلوم
والمدارس، وأشخاص الإعلام والدوارس، وإخماد الفتن والدسائس.
4- الجد والجهد في
العمل، لبلوغ الأمل، مع التأني في موضع الخفاء، والصفح عن مداخل الجفاء، والأخذ
بالعزم مقرونًا بالجزم، والاستمساك بالتراث والميراث مشفوعًا بالحلم، مع التباعد
عن مساقط المهابة، النفور عن مراغة الرذيلة.
5- النظر في حالة
التعليم والمدارس بتنقيح الخطط والبرامج، وتوضيح السبل والمناهج، وتقويم الرتب
والمدارج، وتوحيد الأنوال والمناسج([77]).
ومن هنا يلاحظ أنها حددت دور العضو
المنتسب، وشرحت واجباته، وكذلك دور الرابطة والهدف الذي وجدت من أجله، ولهذا نلاحظ
أن خطوات مؤسسي الرابطة قد ربطوا نجاح طموحاتهم بشيئين اثنين هما: العضو الفاعل من
خلال عمله وفهمه، وعكس إنتاج فكره لما فيه خير وحسن أداء، والشيء الثاني هو:
الحملة الإعلامية بهدف التوعية سواء أكان هذا من خلال الجوامع، والتي يقوم بها
خطباء مؤثرون أمثال «علوي بن طاهر الحداد»([78]).
كذلك استخدمت
الرابطة العلوية المطبوعات الصحفية والإصدارات الدورية لشروح وتفاسير مبسطة، بهدف
الفهم لغير المتعلمين والمطبوعات الدورية، والتي كانت توزع في أنحاء البلاد التي
لا يوجد فيها فرع للرابطة([79]).
³ الوضع القانوني للرابطة العلوية:
صادقت الحكومة
الإندونيسية على قانون الرابطة الداخلي بتاريخ 16 يناير 1928م تحت رقم (66)، ونُشر
باللغتين العربية والملاوية، وأقر المؤتمر الأول للرابطة قانونها، وفرض على
الرابطة مراعاة الاقتصاد في النفقة، وعدم التعجل في الأعمال حتى تقوى مالية
الرابطة([80]).
وما أن تأسست
الرابطة رسميًا، وبلغت أخبارها إلى بعض الدول مثل الفلبين والهند، وإلى إفريقيا
وحضرموت ومصر، حتى رحب بها الجميع وأبدوا استعدادهم لإقامة الفروع لها، كما
باركتها بعض الصحف المصرية، وتناولت قيام الجمعية من خلال موادها الإخبارية مبرزة
تأييد جماعة الدفاع الإسلامي عن السادة العلويين، وقد أيدها كثير من الأعيان
المصريين أمثال الأمير «عمر طوسون»([81]).
³ النظام الأساسي للرابطة:
تضمن النظام
الأساسي للرابطة سبعة عشر مادة متضمنة النظام الداخلي، ومقاصد الجمعية، ووسائل
تحقيقها، وكذلك الموارد المالية.
وقد
حددت المادة (16) أعضاء إدارة الجمعية عند تأسيسها وعددهم 12 عضوًا، منهم رئيس
أول، ونائب أول، ونائب ثان، وأمين صندوق أول، وأمين صندوق ثان، وكاتب، ومفتش أو
مراقب، وعددهم ستة.
أما
المادة السابعة من القانون فقد حددت أن تدبر أمور هذه الجمعية هيئة إدارة مؤلفة من
سبعة أعضاء على الأقل، وسبعة عشر عضوًا على الأكثر يكون أحدهم رئيسًا، وأحدهم
كاتبًا، وأحدهم أمينًا للصندوق، ينتخبون من بين سائر الأعضاء في اجتماع عمومي
بأكثرية الأصوات لمدة ثلاث سنوات([82]).
³ موارد الرابطة العلوية:
أما بالنسبة
لإيرادات الجمعية فقد حددها النظام الأساسي بعدة مصادر هي:
1- مرتبات الأعضاء العاديين.
2- تبرعات المساعدين.
3- الوصايا والأوقاف والنذور والهبات
من المحسنين.
4- الأرباح والأجور المتحصلة من
ممتلكات الجمعية.
وكل
من تبرع أو أوصى بشيء للجمعية أو دفع ما يلزم عليه، فليس له ولا لورثته حق الرجوع
في ذلك، سواء بقى عضوًا أو انفصل، أو فصل من الجمعية([83]).
³ الرابطة العلوية ودراسة
قضاياها:
كانت
الرابطة تعقد اجتماعها السنوي بحضور مندوبين عن الفروع في مختلف الجزر الهولندية،
تطرح فيه القضايا التي تطلب تدارسها، واتخاذ قرار إجماعي نحوها، كما تشكل خلال هذا
الاجتماع لجنة للقيام بواجب التفتيش، وفحص الدفاتر، ومقابلة الدخل بالمصروفات
وأيضًا مقابلة ما هو مجمل في ذلك البيان بما هو مفصل في الدفاتر([84]).
كذلك يتدارس
الحاضرون الظروف العامة للمغتربين والمهاجرين لإندونيسيا، ووضع الخطط لفتح المدارس
في الأماكن التي لا توجد بها، مع إعداد تصور للمناهج الدراسية بشكل عام، وذلك بهدف
التحسين، والاستمرار في إصلاح التعليم والإشراف المستمر على القائمين بالمدارس على
مختلف مستوياتها بالإضافة إلى تدارس ما تناوله صحف الإرشاديين وغيرها من مواضيع،
تهدف إلى التقليل من دور الرابطة([85]).
ويلاحظ أن
قرارات الرابطة حول هذا الموضوع تدعو إلى عدم الالتفاف إلى ما ينشر في الصحف، وما
يراد به تشويش الأفكار وإيجاد النزاع، والأخذ والرد بين الفريقين، العلويين
والإرشاديين وعدم الالتفاف إلى ما يثير القلاقل والمشاغبات، وقيام كل واحد بواجبه
نحو أخيه من تزاور وتواصل، وتشييع جنائز، وحضور ولائم وإجلاء الصفاء والوئام، محل
الشقاق والخصام([86]).
كما أن قرارات
الرابطة كانت تؤكد على كل علوي أن يعرف واجبه نحو المعوزين، والذين هم بحاجة إلى
مساعدة بهدف التعليم، وكان من الناشطين في هذا المجال «أحمد السقاف» أو ابتعاثهم
إلى مصر في المدارس الأميرية، على اختلاف درجاتها حيث قدم الملك فؤاد ملك مصر،
العديد من المنح والدراسة مجانًا في هذه المدارس، ولذا كان أثر المراسلات إلى
الهيئات والفروع التابعة للرابطة تستحث الهمم، وترجو أن يعرف العلويون واجبهم نحو
فلذات أكبادهم ونحو الفقراء والأيتام، ولاسيما من لديهم استعداد فطري، ولا يزالون
في السن المناسب للتعليم وابتعاثهم للدراسة في القاهرة أو بغداد([87]).
³ الجمعية الوصلية:
تأسست هذه
الجمعية في 30 نوفمبر 1930م في مدينة «ميدان» بسومطرة الشمالية، وكان مركزها
الرئيسي في مدينة «ميدان» ولهذه الجمعية فروع في مختلف محافظات إندونيسيا([88]).
قامت هذه
الجمعية على أكتاف وجهود تلامذة الشيخ «محمود يونس»، والشيخ جعفر حسن، والشيخ
محمود يونس من خريجي الجامعات المصرية([89]).
وكان
هدفها الأول وهمها الأكبر محاربة التبشير المسيحي، والدفاع عن الإسلام ونشر دعوة
الحق في المناطق التي لا تزال تعتنق الديانة القديمة، وتكونت من الشباب الغيورين
على الدين الحنيف ويرون أن التبشير خطر يهدد كيان الوطن والدين معًا؛ لأن الذين
تنصّروا ظنوا أنهم أرفع قدرًا من غيرهم بحكم أن الدولة المستعمرة تقدمهم في
الوظائف والحقوق والجاه بحكم الاتحاد في الدين معها، كلما زاد عددهم اتسعت شقة
الخلاف في الشعب وقل الأمل في الاتحاد، وضعفت المقاومة ضد الاستعمار، وقد نجح مسعى
الجمعية في هذا الميدان نجاحًا لم يحلم به أحد من قبل([90]).
كما تهدف هذه الجمعية إلى تحقيق معاني الأخوة الإسلامية،
والعمل على نشر الإسلام، وتطبيق الأحكام الإسلامية والاهتمام بالدعوة الإسلامية في
الأواسط غير الإسلامية ويقرب عدد أعضائها حوالي خمسة ملايين ولها جهود موفقة([91]).
ومن
أجل أن تقوم الجمعية الوصلية بنشاطها وتحقيق أهدافها فإنها قامت بتشكيل عدة أقسام
تخصصية لتغطية نشاطاتها وهي:
1- قسم شئون الدعوة:
وهذا
القسم يقوم بإعداد الدعاة وإرسالهم إلى مختلف مناطق إندونيسيا، وبخاصة جزيرة
سومطرة، وقد أسلم على أيدي دعاتها ألوف المسيحيين والوثنيين، ولهذا القسم أيضًا
اهتمام كبير بتغطية مناطق التهجير الداخلي بالدعاة الذين يتفهمون متطلبات تلك
المناطق([92]).
2- قسم الشئون التربوية:
يقوم
هذا القسم بإدارة النشاطات التعليمية عبر المدارس والجامعات التابعة للجمعية،
علمًا بأنه يتبع الجمعية 162 مدرسة عامة، و1370 مدرسة دينية، و4 جامعات([93]).
3- قسم الشئون الاجتماعية:
يقوم هذا القسم
بكفالة الأيتام والفقراء في دور للأيتام التابعة للجمعية، علمًا بأنه تتبع الجمعية
7 دور للأيتام.
4- قسم شئون الفتاوى:
يقوم هذا القسم
بدراسة القضايا الدينية المعاصرة وإصدار فتاوى مناسبة لها بما يسهم في حل مشكلات
الناس والمحافظة على عقائدهم([94])،
وللجمعية الوصلية عدة قيادات، قيادة على مستوى المركز، ومستوى المحافظة، ومستوى
البلدية، ومستوى المديرية، ومستوى القرية، وهذه القيادات تقوم بالإشراف على
نشاطاتها تتلخص فيما يلي:
1-
السعي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في المجتمع الإندونيسي المسلم.
2-
نشر الإسلام وتعاليمه في المجتمعات غير الإسلامية.
3-
إصدار الكتب والمجلات والصحف الإسلامية.
4-
إنشاء المؤسسات التعليمية وتنظيم مناهجها.
5-
القيام بالخدمات الاجتماعية.
6-
بناء المساجد وخدمتها وتغطية نفقتها وتنشيط حركة الدعوة فيها([95]).
³ جمعية دار الدعوة والإرشاد:
تأسست هذه الجمعية في 17 فبراير 1947م بمدينة «واتانج صوبينج»، و«بسولاويسي
الجنوبية»، وفي سنة 1950م نقلت مركزها إلى مدينة «باري باري»([96]).
وعندما قامت هذه
الجمعية كانت تهدف إلى العديد من المقاصد مثل:
1-
رفع مستوى الثقافة والأخلاق الكريمة في المجتمع الإندونيسي.
2-
توجيه الأمة الإسلامية إلى حياة أفضل.
3-
المحافظة على وحدة الأمة الإسلامية.
ولتحقيق هذه
الأهداف قامت الجمعية بإنشاء المدارس والمعاهد والجامعات التي تخدم المجتمع، وعلى
صعيد آخر فإن الجمعية قامت بتنظيم الحلقات الدينية في المساجد والمصليات بين صلاة
المغرب والعشاء بعد صلاة الفجر، وعملت أيضًا على إقامة تلك الحلقات في بيوت
المسلمين بمدينة «باري باري» مرتين في الأسبوع، وأما في المناطق الأخرى فكان تنظيم
الحلقات الدينية مرة في كل شهر، وكذلك في مجال الخدمات الصحية أو فيما يسمونه مجال
الخدمات الطبية والإنسانية أنشأت الجمعية عددًا من المستشفيات والصيدليات ودور
الأيتام، بيد أن نشاطها في هذا المجال لازال ضئيلاً نظرًا لإمكانيتها المحدودة([97]).
أما في مجال
الإعلام فقد أنشأت الجمعية مركزًا للإعلام الإسلامي في مدينة «باري باري» وأنشأت
مطبعة خاصة بها باسم المطبعة الخيرية، وهذه المطبعة تقوم بإصدار الكتب والمجالات
والمنشورات الدينية والخطب المنبرية، وكذلك افتتحت الجمعية محطة إذاعية خاصة بها
باسم «الإذاعة الدارية» وهذه المحطات الإذاعية تذيع الإرشادات والمحاضرات الدينية([98]).
³ جمعيات ومؤسسات تعمل في بعض الأقاليم أو المحافظات أو الجزر:
هناك في إندونيسيا الدعوة الإسلامية
تنتشر في محافظات وبلديات إندونيسيا، ونشاط كل واحدة منها ينحصر في منطقة محدودة.
ونظرًا للتشابه بين نشاطات هذه الجمعيات
والمؤسسات فإننا سنقتصر على عرض بعض منها:
1- جمعية الخيرات:
تأسست هذه الجمعية في مدينة «بسولاويسي»
سنة 1933م ومن نشاطاتها:
أ-
بناء المؤسسات التعليمية في جزيرة «سولاويسي» وما حولها، وقد أنشأت هذه الجمعيات
ما يقرب من 700 مدرسة، بالإضافة إلى جامعة واحدة تضم كلية الشريعة وكلية أصول
الدين.
ب-
إرسال الدعاة إلى مختلف مناطق جزيرة «سولاويسي» للقيام بالدعوة الإسلامية([99]).
2- المؤسسة الشافعية:
أنشئت هذه
المؤسسة في حي ماترمان، أحد الأحياء في العاصمة «جاكرتا» سنة 1933م الموافق
1353هـ، وكانت في البداية عبارة عن مبنى لمسجد تنطلق منه الدعوة الإسلامية، ثم
تحولت إلى مدرسة ومعهد ديني تلبية لحاجة سكان المنطقة إلى التعليم، وفي الخمسينيات
من القرن العشرين ازداد إقبال الناس على المدارس، فاضطر المسئولون فيها إلى تطوير
المعهد، وتوسيع مبانيه، وبدأوا بإنشاء المدارس العامة في ابتدائية وإعدادية
وثانوية، إضافة إلى المعهد الديني([100]).
وقد شكلت
المؤسسة أربع هيئات تقوم لتنسيق وتنظيم نشاطاتها وهي:
أ- هيئة الدعوة:
تقوم هذه الهيئة
بتنظيم الحلقات الدينية في مراكز المؤسسة مثل الحلقة الدينية للنساء، والحلقة
الدينية للرجال، والحلقة الدينية العامة، كما تقوم بتنظيم الحلقات الدينية في جاتي
وأرينجين وتشكيلانكاب، وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة تذيع الإرشادات والمواعظ
الدينية في إذاعتها الخاصة بها، وقد دخل الإسلام بفضل إذاعة الشافعية ما يقرب من
200 شخص من سكان «جاكرتا»، وكذلك فقد استخدمت المؤسسة عبر هذا القسم المنشورات
والرسائل من وسائل الدعوة الإسلامية([101]).
ب- هيئة التربية والتعليم:
تقوم
هذه الهيئة بإدارة المؤسسات التعليمية التابعة للمؤسسات، علمًا بأن المؤسسة قد
أنشأت عددًا من المعاهد الدينية للطلبة والمعاهد الدينية للطالبات، ومعهدًا لتعليم
اليتامى، وجامعة واحدة باسم الجامعة الشافعية التي تضم كلية الدعوة الإسلامية وكلية
اللغة العربية وكلية أصول الدين([102]).
ج- هيئة الشئون الاجتماعية:
تقوم
هذه الهيئة بتنظيم المساعدات المالية والعينية التي ترد إلى المؤسسة وتوزيعها على
الفقراء والمساكين، وتخصص قسمًا منها لرعاية أبناء الفقراء وتعليمهم وتأهيلهم
وإيوائهم مدة الدراسة، إضافة إلى مواساة منكوبي الكوارث الطبيعية.
د- الهيئة التنظيمية :
يقوم
هذا القسم بتنظيم شئون الموظفين الإداريين وشئون الإدارة المالية وأملاك المؤسسة([103]).
3- اتحاد المسلمين الإندونيسيين:
تأسس
هذا الاتحاد في مدينة «أمبوب» عاصمة محافظة «مالوكو» سنة 1947م، وقد أنشأ الاتحاد
العشرات من المؤسسات التعليمية في «أمبوب» و«جزيرة سيرام» و«جزيرة بورو» و«جزيرة
باندا»([104]).
وهذا
الاتحاد قد قام بدور هام في إبعاد أبناء المسلمين عن براثن التنصير، حيث أتاح لهم
فرصة مواصلة الدراسة في مؤسساته التعليمية.
ولا
شك أن هناك العديد من الجمعيات الدينية والاتحادات الإسلامية التي حملت على عاتقها
الإسلام والدعوة الإسلامية، وتوصيله إلى كل من لم يصله دعوة الإسلام.
([17]) أحمد دحلان: هو محمد درويش بن الحاج
أبي بكر، ولد في حي «كومان» بمدينة «جوكجاكرتا» عام 1285هـ/ 1868م، وكان اسمه محمد
درويش، فلمَّا حجَّ غيَّره إلى أحمد دحلان، حفظ القرآن وأبدى منذ الصغر الاهتمام
بالدراسات الإسلامية والتغيرات الفكرية التي تثار في المجتمع الإسلامي الكبير،
فتعرف على مذهب أهل السلف من خلال الأستاذ الإمام محمد عبده، ومؤلفات ابن تيمية
وابن قيم الجوزية، وتأثر بتفسير المنار للسيد رشيد رضا. انظر مزيدًا من ترجمته عند
محمد أحمد السنباطي، حضارتنا في إندونيسيا، ص214-216.
([32]) نظرًا لما يتمتع
به من ثقافة وعلم فقد تأسس منذ الصغر على حفظ القرآن على والده، وواصل دراسته
لعلوم الدين في مكة حيث درس القرآن والتوحيد والفقه والتصوف وقد أبدى منذ صغره
اهتمامًا بالدراسات الإسلامية والتغييرات الفكرية التي تؤثر في المجتمع الإسلامي
وقد بدأ أحمد دخلان بنشر دعوته بالمحاضرات والخطب وقد ساعده على نشر دعوته عمله
كتاجر وقام ببناء وإنشاء المدارس وإقامة المعاهد العليا التي تبني الفكر الجديد
والتي لا تهمل النظم والبرامج الحكومية، بجانب التعاليم الدينية: انظر في ذلك:
عفاف مسعد العبد: دراسات في تاريخ الشرق الأقصى، ص244، محمد أحمد السنباطي:
حضارتنا في إندونيسيا، ص214-216.
([42]) دعوة الجمعية
المحمدية الخاصة، منشورات رابطة الجمعية المحمدية بالقاهرة، (د. ت)، ص8، وانظر
كذلك:
Dakwah Husus Mohammadiyah, Lembage Dakwah Husus
pimpinan pusat Mohammadiyah, Jakarta, P. .
([54]) وُلد السوركتي في جزيرة
أرقو بالولاية الشمالية في السودان عام 1876م من أسرة مشهود لها بالورع والصلاح
والعلم، حفظ القرآن، ودرس مبادئ الفقه، ثم رحل إلى الحجاز عام 1896م لطلب العلم
والمعارف وأداء الفريضة، ثم أقام بالمدينة المنورة أربع سنوات ونصف درس خلالها
علوم القرآن والحديث والفقه واللغة العربية، ثم بعد ذلك تعاقد مع جاكرتا وعاش بها
في سنة 1911م، وصار مفتشًا للتعليم. انظر مقال أحمد إبراهيم أبو شوك، بعنوان الشيخ
أحمد محمد السوركتي على الموقع vb.alsheher.com .
Depemimptain
Islam Indonsia Kini dan esok, Dr. H. Ridwan Saidi: Pan antar Kota, Jakarta, , P. .
([66]) الشيخ محمد
أشعري: ولد في جاوا الشرقية سنة 1871م، وتلقى تعليم في مكة المكرمة، وكان رئيسًا
للمجلس الإسلامي الأعلى بإندونيسيا، انظر:
Tradisi
pesamtrem, P. , .
ومحيي الدين القضماني: صفحات من حاضر العالم الإسلامي، طبعة
الجامعة الإسلامية، مكة المكرمة، 1982م، ص33-47، عفاف مسعد العبد: تاريخ الشرق الأقصى،
ص251، وعبد الرحيم أرشد بن أرشد: الحركة التبشيرية في إندونيسيا وموقف المسلمين
منها، رسالة دكتوراه في كلية أصول الدين شعبة الدعوية والثقافة الإسلامية، بجامعة
الأزهر، 1986م، 1406هـ، ص451-456، مجلة بانكيث، العدد 22، السنة الثانية،جاوا-
فبراير 1982م، ربيع الثاني 1403هـ، ص30.
([72]) محمد عبد الرحمن
شهاب: هو ابن شهاب الدين العلوي من قدماء المؤسسين لجمعية الرابطة العلوية ولد في
1287هـ-1349هـ/ 1870م-1930م، في حضرموت، ورحل إلى جاوا وهو في مرحلة الشباب وقام
في مدينة بتاوي- جاكرتا، وشارك في تأليف بعض الجمعيات الخيرية العربية، واختير
رئيسًا لإحداهما وتوفي عام 1930م في بتاوي- جاكرتا بإندونيسيا، انظر: محمد عبد
القادر بامطرف: الجامع، طبعة الهيئة العامة للكتاب، صنعاء، اليمن، 1984م، ص516.
([78])
هو علوي بن طاهر الحداد العلوي 1873-1962م، فقيه مؤرخ تلقى تعليمه بقيدون، ومكث
فترة في المكلا، ثم هاجر إلى الشرق الأقصى، وتنقل بين إندونيسيا وأرخبيل الملايو
واستقر في ولاية جهور من أرخبيل الملايو، حيث ولى الفتيا بها، وله العديد من
المؤلفات حول تاريخ الإسلام في إندونيسيا والشرق الأقصى، انظر: محمد عبد القادر
بامطرف: الجامع، ص283.
([81]) مجلة الرابطة
العلوية، الجزء 4، مجلد 3، ربيع الثاني 1349هـ، وعمر طوسن هو ابن محمد طوسن بن
محمد سعيد بن محمد علي الكبير، وهو مؤرخ مشارك في بعض العلوم، عارف باللغات
التركية والفرنسية والإنجليزية، من أمراء العائلة العلوية في مصر، وقد ولد في
الإسكندرية عام 1872م، ودرس مبادئ العلوم ثم استكمل دراسته في سويسرا وآزر الحركة الوطنية
المصرية. انظر: الزركلي، الأعلام 5/207-208، وعمر رضا كحالة، معجم المؤلفين 2/574.
Comments
Post a Comment